%D8%BA%D8%B0%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%AD%3Cbr%3E%D9%86%D8%A7%D8%B8%D9%85%20%D8%B5%D8%B9%D8%A8 - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


غذاء العقل والروح
ناظم نصرالدين صعب - 24\09\2011
قال المعزلدين الله الفاطمي ((الحمدلله الذي خلق الخلق لا مجبولين على طاعه ولا مجبورين على معصيه, بل خيَّرهم )).
وبسب هذا التخيير الإلهي لمخلوقاته صح العدل الرباني في حكمه بقانون العقاب والثواب, فمن أطاع واستجاب وانضوى كان له الثواب الامثل, ومن عصى وكفر وغوى كان له العقاب الاجزل.
ومن سوء الطالع في عصرنا هذا أننا نرى الاهتمام بغذاء الاجساد أضعاف الاهتمام بغذاء العقول والارواح, ونرى الفرد منا يعمل جل وقته للكسب المادي وبما هو ضروري لغذاء الجسم, ونختار لانفسنا اشهى المأكولات واطيب المشروبات مع العلم أن الجسم في النهاية يأكله الدود, وأما الروح فهي خالده للمعبود, فلا يلبث المرء منا ان يتألم جسده من شيء بسيط حتى نراه يسارع الى الطبيب لمعالجته وخلاصه من ألمه, ولكنه لا يرصد ولو قليلا من الوقت ليثقف نفسه المريضه ويعرف ما حوله وما له وما عليه, متناسيا قول أحد الحكماء: ((إن لنفسك عليك حق ولربك عليك حق ولاهلك عليك حق ولمجتمعك عليك حق فاعط كل ذي حق حقه)).
فلعلم العقلاني الروحاني هو بمثابة النور للانسان كما يصفه المعلم الكبير كمال جنبلاط حيث قال: ((من ليس له في داخله نور يضيء به معالم الطريق فهو اعمى وابكم, فكيف يستطيع قيادة الناس من في نفسه جهل او ابلادةُ, وعندها يكون واحدنا وفق التشبيه الشهير كالأعمى الذي يقود عمياناً, فلا بد للجميع من الحفره منزلقاً ومستقراً)).
ولنعلم انه لا يستطيع ان يرضع من ثدي العلوم والحكمه من لم يفطم نفسه عن الشهوة, فلقد قيل (( إن اقرب الناس الى البهائم من حكمت عليهم شهوات فروجهم البهيميه )).
فلنتمسك بالفضائل التي هي بمثابة الجواهر التي تستنير بها البصائر وينصقل بها الفكر والخاطر, لان العبد في يوم القيامة يسأل عن اربع؛ 1- عن عمره فيما افناه 2- عن جسده فيما ابلاه 3- عن ماله من اين اكتسبه واين انفقه 4- عن علمه ماذا عمل فيه.
ولنبتعد عن الغرور والتكبر فكما انه لا ينبت الغرس في الصخور بل في التراب, كذلك لا ينبت نبات الحكمه ومعرفة الله في قلب المتكبر, لان التكبر يورث المعصية واما التواضع فيورث الطاعة, ولقد جعل الله أهل طاعته احياءً في مماتهم وجعل اهل معصيته امواتاً في حياتهم.
فلنعمل بطاعة الله ولنساعد بعضنا بعضا فالخلق كلهم عيال الله بالاصاله واحبهم الى الله أنفعهم لعياله.
والى ابنائنا الغوالي وشبابنا الصاعد واملنا في مستقبل واعد, اقول أنتم منارة المجتمع وحملة الراية الخفاقة بالعز والعلم والشرف والكرامة والاقدام, فاشبعوا عقولكم وارواحكم من افضل الزاد وارووا ضمأكم من ماء العلم العذب الزلال, وسارعوا الى شد العزائم والهمم فعلى قدر العزائم تحصيل الغنائم, واعلموا أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
وفقكم الله وهداكم واعاننا واياكم على اكتساب الفضائل وتنوير البصائر وتغذية العقول والارواح وتحقيق الهدف الامثل الافضل والله حسبنا وهو نعم المعين النصير.